الجمعة، 10 أبريل 2015

امتداد -- الفة بعد صراع -- جريدة الجزيرة الأحد 24 شعبان 1435



في مطلع التسعينات الميلادية كانت القصيدة التجديدية تصارع في ضراوة لفرض مساحة لها وسط خارطة تكتظ بالشعر التقليدي حيث القصائد تجتر مفردات وصور وتراكيب الآباء والأجداد مع بعض الإضافات البسيطة التي لا تمس هيكل القصيدة حيث كانت دلاء الشعر الشعبي تمتح من شعر الماضي جل مكوناتها.
في الجانب الآخركان دعاة التجديد يرون أن القصيدة الكلاسيكية لا تستوعب أفكارهم وتتقاصر دون مواهبهم ولا تواكب حاضرهم وعصرهم وكان الأغلبية منهم يدينون لها بالفضل ولكن يرون أن دورها قلّ وضمر دون استيعاب متطلبات العصر والنمو المعرفي والحضاري الذي فتح أبوابه للجميع. كانوا موقنين أن الشعراء السابقون مخلصون لمواهبهم صادقون مع أنفسهم وبيئتهم لكن الظروف تبدلت والزمن تطور والوعي والثقافة والعلم أفرزت معطيات جديدة تلقي بظلالها على الجميع ولابد أن يكون الشاعر المعاصر انعكاسا لحاضره بكل معطياته لا مرآة لماضيه فقط.
القصيدة الجديدة أو الحديثة - سمها ما شئت - لم تكن مقبولة في بدايتها من ذوائق اعتادت على نسق واحد من الشعر وألفته وتعودت عليه لكنها مع مرور الوقت وجدت الكثير من المتلقين والمرحبين وأصبحت تنافس في قوة شقيقتها التقليدية وتزاحمها في الكثير من المنابر.. وقد تسلل إلى التجديد في الشعر في بدايته بعض الأسماء التي شوهت صورته بسبب إغراقها في الغموض وجنوحها إلى الطلسمة! لكن سرعان ما تلاشت هذه الأسماء وظلت سفينة التجديد تواصل رحلتها نحو آفاق جديدة ورحبة.
الآن وبعد صراع محتدم تسير القصيدة التجديدية جنبا إلى جنب مع شقيقتها التقليدية ولكل منهما عشاقة ومريدوه.. ويبقى الشعر هو الفيصل في كلا النسقين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق