الجمعة، 10 أبريل 2015

امتداد -- اللحظة الغامضة -- جريدة الجزيرة الأحد 03 شعبان 1435



لحظة القبض على الشعر من أصعب اللحظات وأجملها وأشدها تعقيدًا لأنّها تأتي بلا موعد أو مقدمات وتنصرف من دون أسباب مقنعة.
تمر بالشاعر أحداث جسام تحرِّك فيه كل شيء عدا الشعر.. يحاول الشاعر استنهاض هذا المارد الكامن في أعماقه في مواقف كثيرة لكنه لا يستجيب.. يستفز كل قواه لاستدعائه لكنه يتأبى.
ومن حيث لا يعلم الشاعر ينتفض هذا المارد ويخرج من قمقمه بكلِّ جبروت ليمليء على الشاعر ما يريد وما على الشاعر إلا الاستجابة.
ثم يعاود الاختباء مرة أخرى.
ما الأشياء التي توقظ هذا المارد وما الأحداث والمواقف التي تستفزه.. وما المحرِّضات التي تستدعيه؟ لا أحد يملك إجابة قاطعة ومقنعة لهذا السؤال.
هو يأتي لأسبابه الغامضة وينصرف لأسباب أكثر غموضًا وتعقيدًا.. يحضر متى أراد ويغيب متى أراد ويمكث الوقت الذي يريد.
مهمة الشاعر الذكي استثمار هذه اللحظة بالحضور ومحاولة استنطاق هذا المارد ليفرغ كل ما في جعبته من شعر وجنون ومن ثمَّ العودة لما تَمَّ اصطياده لمراجعته بمرونة ولطف وتهذيبه إن احتاج الأمر لذلك!.
استثمار هذه اللحظة وقطف كل تفاصيلها والغوص في مكوناتها وفك طلاسمها واستنطاق مخبوئها هو جوهر الشعر وروحه بل هو الشعر بذاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق