الجمعة، 10 أبريل 2015

امتداد -- حنين -- جريدة الجزيرة الاربعاء 15 رمضان 1434


يسكنني حنين لا يعرف حداً.. أتلمس الأشياء التي ألفت قربكِ علها تبوح عنكِ وتقول أكثر مما أعرف ..كل الأماكن مقفرة بغيابك . الأيام والساعات والدقائق والثواني موحشة بدونك مرتجفة كقلب رجل آمن تتخطّفه رغبات لصوص لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلوبهم . الكثير من التفاصيل تمر أمامي مسرعة كقطعان من الظبا تلبسها خوف منعها من الوقوف وحرضها على الركض المحموم إلى حيث لا تدري . الكثير من الكلمات والمواقف تجتاح مخيلتي كديمة كريمة نفضت هتانها ثم غادرت دون رجعة .. بدأ الورد يذبل والسنابل تنحني لا استجابة للثمر الذي يعلوها، لكن لخوفها أن المطر لن يعود ثانية.. بعدك الصحراء لم تعد ذات الصحراء والهواء يخنقني والالتفات للخلف أصبح عادتي الدائمة.

أتذكر الكثير .. والكثير جداً.. من مضامين نظراتك وفراش كلماتك وصمتك المسكون بالأسئلة وأحلامك التي لا تعرف حداً.. أتذكر كل شيء.. أغوص في عمقه وأغرق في تفاصيله ثم أحاول الهرب ولكن هيهات.. وإن فعلت فأنا أهرب منكِ إليكِ . الأماني المستحيلة ضرب من الجنون لكني بت أعشقها أكثر بعد فقدك، لأني تعلّمت منك أنّ الأحلام لا سقف لها وأنّ جنون الشعراء هو أرقى جنون عرفه البشر على الإطلاق.. برحيلكِ فقد الضوء بريقه والنبض دفئه والكلمات معانيها، وأصبح الفرح كشجرة ( الأثل ).. مغبّرة مهجورة لا يقترب منها إلا مشرّد يبحث عن ظل، أو صياد يتعقّب التائه من الطير.

في الماضي كنتِ تجدلين أنفاسي وترتبين إحساسي وتشدين من عزيمتي وبأسي.. بالأمس كنتِ المطر والعطر والزهر والشجر..كنتِ النثر والشعر والخيال والواقع .. كنتِ الأحلام والأماني كنتِ الروح والطموح.. اليوم أصبحتِ خيالاً وذكرى غالية جداً جداً لا يمكن أن تعود.. لكِ كل الوفاء الذي تعلّمته منك وكل الحب الذي تهجيته على يديك.. ولي مع ذكريات من رحلوا صبر يستمد قوّته من خالقه وعزيمة ترفض الانحناء رغم كل الجراح والألم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق