الجمعة، 10 أبريل 2015

زاوية امتداد -- شعبيات الخليج -- جريدة الجزيرة الأحد 18 جمادى الآخرة 1434


أفرغ عددٌ من أثرياء الخليج ما تيسر من فائض أرصدتهم المتخمة على فضائيات هلامية وجدت في الشعر والأدب الشعبي الخليجي بوابة سهلة لتسويق أسمائهم إعلامياً.. وإشباع جوع الأنا في دواخلهم وتحقيق مصالح خاصة يتدافعون عليها. وشعبيات الخليج السابحات في الفضاء هي في مجملها مصانع تايوانية لبث الكثير من الهياط وتكريس المتشابه وترسيخ المكرور.. والجيد من موادها يحتاج إلى عناء من أجل اصطياده والتمتع به.
وقد سخرت هذا الفضائيات الشعبية عدداً من الإعلاميين والمحسوبين على الإعلام من أجل تسويقها والدفاع عنها وتجميل صورتها.

في كل البلاد العربية - عدا الخليج - لا تجد مثل هذا الردح الشعبي الفضائي والعزف على وتر (تكفى ترا تكفى تهز الرجاجيل) من أرض الجزيرة تشرّبنا روائع الأجداد الخالدة منتقلة من ذاكرة لذاكرة ومن مولع بالشعر إلى مفتون به بدون ضجيج فضائي أو تصدير إعلامي فج.
ومن ذات الأرض وإنسانها نقل لنا الرواة وبعض المدوِّنين أحداثاً وقصصاً وأشعاراً دون بريق الإعلام ونيون الفضاء، ومجردة تماماً من المقولة النفعية السائدة (شدّ لي واقطع لك) ومن مصر عرفنا عمالقة الشعر العامي بدون فضائيات هلامية وردح كلامي.. ومن أرض الشام والعراق تشرّبنا الكثير من الإبداع الشعبي بدون ضجيج فضائي تدير بوصلته رغبة تاجر أفرغ الشعر من الشعور.

في كل قطر عربي هناك عمالقة في الأدب العامي أو المحكي خلدتهم عطاءاتهم ورسخت نصوصهم في كل ذاكرة تبحث عن الشعر الحق، الشعر النابت من عمق الأرض والمستقر بالوجدان وليس الشعر السابح في الفضاء المعزول عن ذاكرة الأمة.

فضائيات الشعر الشعبي في الخليج ظواهر وقتية ستختفي من خارطة الإعلام العربي في غضون سنوات وسيمحوها المتابع من ذاكرته لأنها ظاهرة غير صحية وسيكون أول من ينساها هم الموهمون بأن ورمها عافية.. ومن قبلهم كل الذين يرضعون من أثدائها بعد أن تقذفهم خارج حضنها..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق