الأحد، 10 مايو 2015

رؤية نقدية لقصيدة -- سدرة القلب -- جريدة الجزيرة الثلاثاء 08 جمادى الأول 1429


رؤية نقدية
إبحار في (سدرة القلب) لأحمد الناصر الأحمد


 
لا شك بأن قراءتي لمثل هذا النص الباذخ.. قد تظلمه.. ولا أشكر عليها.. لأنني لا أمتلك أدوات تؤهلني لمثل هذه القراءة ولمثل هذا الشاعر بالذات (أحمد الناصر الأحمد).
سدرة القلب
أجاد شاعرنا كثيراً في اختيار العنوان وقلة هم من يجعلونك تقرأ القصيدة من عنوانها.. وقلة هم من يحسنون الاستهلال ويتمكنون من المطلع.. ويستدرجونك منذ أول بيت بالقصيدة ليحفزوك على الانتهاء منها لتعيد قراءتها من جديد.. يقول شاعرنا في البيت الأول.
الجمر صمتي واللهب بعض بوحي
والشاعر المسكون بالوعي مصباح
تطويع لا يستغرب من شاعر متمكن لصورة الجمرة واللهب.. صورها شاعرنا بدقة في شطر واحد بيد أنني عجزت عن كتاباتها في جملة مبعثرة!.. وهو يستبعد الرماد.. وفي أسوأ حالاته يكتفي بالجمر.. هكذا هي الروح المتقدة دائماً لا تخبو ولا تنطفي.
أما العطف في الشطر الثاني فلا يقل بلاغة عن الشطر الأول.. إذا ما علمنا بعد قراءة متأنية بأن الجمر واللهب هما وقود المصباح.. لذلك يحمله الشاعر في
حله وترحاله.. كناية عن الوعي..
يا سدرة في داخل القلب فوحي
هدي جدار الصمت يكفيك ما راح
يا لهذا الجدار الذي لا تدكه المعاول ولا يتهاون أمام أي قوة.. ولكن ما أن يجد في القلب ما يدعوه لذلك فإنه يرضخ.. يرضخ لا لأن (الكبت يولد الانفجار) ولكن لأن الانفجار قد آن أوانه و(الشاعر المسكون بالوعي) يعي تماماً متى يطلق الكلام ومتى يحجم عنه.
كفى.. قالها بعدما أيقن تماماً بأنه سكت بما فيه الكفاية.
لو طال دربي ما يقصر طموحي
الله خلق في هقوتي عدة أرواح
أعتقد بأن هذا هو بيت القصيد.. وفي كل قصيدة أقف عند بيت من أبياتها لأردد (كفو) أقول بأن هذا البيت هو الذي شيدت القصيدة من أجله، جرت العادة بأن النفس البشرية عندما تفشل في الوصول إلى ما تطمح إليه فإنها تعود أدراجها خشيت المرور بما تجرعت مراراته من قبل.. (الله خلق في هقوتي عدة أرواح) ترى هل تموت تلك الأرواح لتبعث غيرها في تجربة جديدة.. أم أن الطموح هنا يخوض التجربة ذاتها مع كل روح حتى يصل إلى مبتغاه. في كلتا الحالتين هذا البيت محفز للمضي قدماً للأمام ومضاد للنكوص.
أحمل سلاحي ما بعد بعت روحي
في هالزمن ما قيه عاقل بلا سلاح
بيت مطلق.. يحتمل التأويل في نفس المتلقي كيفما شاء..
أنا استشعرت من خلاله بأن هذا السلاح هو الحذر بعد أن توقفت عند كلمة (عاقل) في الشطر الثاني طويلاً.
أكبر عذاربي براءة وضوحي
وأصعب عيوبي إني إنسان لماح
بيت يتجاوزه فقط من يستمرئ الكذب، أجاد الشاعر كثيراً هنا لأنه يعلم جيداً بأن الوضوح يسبب المتاعب له ولمن حوله، وجدت هنا.. كما أن بين العقل والجنون والصراحة والوقاحة خيط رفيع جداً..
فإنه بين الوضوح البريء والوضوح الذي ينطوي على المكر خيط كذلك.
لا يستطيع من لا يمتلك حس الشاعر نفسه أن يفهم هذا الوضوح كما ينبغي، لذلك ربما عده الشاعر أحد عذاريبه أما أصعب عيوبه فهي نباهته، والذكاء نقمة يتمناها الأغبياء. (اللماح) شخص غير مريح في نظر من يمارسون زيفهم على من لا يكتشف أمرهم فيأتي هذا المتطفل وفي غمضة عين يسقط القناعة، نعم يا أبا عادل أوافقك تماماً.. هو عيب وأي عيب.. ومع ذلك يحق لك أن تفخر به. فهو فخر.
لا جيت أفتش في ثناياجروحي
كني أحس بشي مثل الأمل طاح
ولأن الجروح تتفاوت حسب أهميتها، ولأن ذاكرة الجرح قوية جداً فإن الجسد قد شيد بنيان ثناياه لتلك الجروح، كل ما عليك هو أن تبحث ولن تعدم جرحاً تحمله ثناياك، وكأني بالشاعر هنا يحمل جروحه بكلتا يديه وبحذر شديد. وهو يبحث عن الجرح الأكبر الذي دفعه ربما لكتابة هذا الوجع - القصيدة.
ولا شيء أثقل في ميزان الجروح من جرح (فقدان الأمل) لأنه باختصار شديد يعني الضياع ولأنه باختصار أشد جرح لا يبرأ. لا يهدأ بالأعذار ولا يشفى بالوعود.
الله يا زيف الزمان الشحوحي
اللي مزج لون الحقايق بالأشباح
توقفت كثيراً هنا لأنني أفقد أعصابي عندما أجد كلمة (شح) ما أشح القلب عندما يخطئ تصويب الاختيار وما أشح العقل عندما يجازف في اختيار رفقة غير صالحة.. وما أشح مشاعرنا عندما تنهمر على من لا يستحق. الشح.. الشح. قد يكون العطاء في باطنه والشح يكمن في أنفسنا التي ذهبت حسرات وهي تتوسل على (تجويف) اعتقدت يوماً بأنه (قلب ينبض).. امتزجت الحقائق بالأشباح لانعدام الصدق. امتزجت الحقائق بالأشباح لاندثار الوفاء.. العطاء.. الإيثار.. العهد.
شعور مرير وغربة روح تتخبط لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
بقولها في صدق والناس توحي
معقول به شاعر بها لوقت مرتاح
ولهم آذان لا يسمعون بها، يا أبا عادل (الشاعر.. الشاعر) هو فقط من لا يهدأ ولا تقر له عين.. وكم من شاعر بلا شعور.. كمستشرق يمجد الإسلام ولا يدخل فيه.
الشاعر الحقيقي لا يرتاح حتى يكتب ما يمليه عيله ضميره وما يجده في ذاته حقا بلا زيف ولا تدليس.
وكما أجاد شاعرنا في بيت البداية أجاد في بيت الختام.
حسناً بقي أن أقول بأنني بحثت عن الشعر فوجدت (سدرة القلب) قرأتها كثيراً وفي كل قراءة أبحث عن كلمة أقحمت قسراً فلا أجد. وأبحث عن لفظ نافر فلا أجد.
كتبت هذه القصيدة بعقل شاعر خبير لا يخدم القافية على حساب المعنى ولا يترك ثغرة واحدة لنفوذ المتسلقين.
هيفاء التميمية – الرياض

الخميس، 7 مايو 2015

من اوراق شاعر .. بقلم الناقد -- ابراهيم الشتوي -- جريدة الجزيرة الاربعاء 22 ذو القعدة 1427


من أوراق شاعر بالوعي والحس الصادق يرقى مستوى الشعر الأحمد امتلأت نصوصه الشعرية بالحكمة والأسلوب الراقي
ومن شموس الرقي سنجمع سويا سنا للذائقة لنتتبع مسارب الذائقة..
ومن هنا سيكون لنا رحلة بين النور والبلور مع شاعر وتجربته لنعايشها حضورا وحبورا..
لنسلط الضوء على جزء من نصوصه ونحلق في فضاءات حرفه ومنارات رؤاه..
وموعدنا اليوم مع أحمد الناصر الأحمد الذي استطاع بإبداع متقن وكلمات آسرة ساحرة أن يستوطن القلوب في لفظ مشرق وحس صادق.. غارق بالعذوبة والبهاء.. فعندما يكتب بلا ريب يكتب بمداد يسيل إبداعا ويعشوشب نعناعا وينقش في ذاكرة الشعر معاني خالدة وتجربة واعية..
فهو يضع على هامته تاجا مرصعا بالحسن والإتقان..
يبوح لنا بعاطفة جياشة وإحساس مرهف..
فلن نستطيع حصر نصوصه في هذه الأسطر القليلة ولكن سنتجول في حدائق تجربته ورؤاه.
رئيس لجنة التراث والفنون الشعبية بفرع جمعية الثقافة والفنون بالقصيم رئيس منتدى القصيم الشعبي..
ونشرت قصائده في الصحف والمجلات السعودية وعدد من الصحف والمجلات الخليجية..
نشرت له العديد من الدراسات المتعلقة بالأدب الشعبي..
شارك في العديد من الأمسيات الشعرية..
أجريت معه العديد من اللقاءات والحوارات الصحفية.. والتلفزيونية والإذاعية..
إلى أول نبضة في قلب حبيبنا أحمد الناصر الأحمد
فهو دائما ما يهدي لنا الحنكة والحكمة في نصوصه ويرتب نظرنا للأعلى والقدوم بكل ثقة واقتدار وإن كان الخطاب في المشهد الشعري ليس موجها للمتلقي مباشرة ولكنه يعزز ذلك بأسلوبه غير المباشر مما يضفي على نصوصه بعداً آخر فلنمعن النظر في ذلك..
وإذا نادى لك العادي على شان الرجوع افعي
مادامك بالطريق الصعب قدرت تثبت الجرّه
ولا تركن على بعض الشجر لوهي عطتك الفي
وشخص ما اعترض دربك فلا تفيده ولا تضره
وإذا طال الظلام وضاق دربك فالنهاية ضي
قبل ماياصالك برد الهبوب اصبر على حرّه
وهنا كما قلت آنفا يعزز دور الثقة والبعد عن التقليد أو الدوران في مدارات الغير.
(ما دام ان غايتي حاجة (كبيرة) حالفٍ ما أهاب... ولا امشي في طريقٍ خبرت الرجلين تمشي به)
وقوله في نص آخر.. حيث يلخص أسلوبه في الحياة وكيفية تعامله مع الغير ومدى ثقته بنفسه واعتزازه بها..
انا اروم الصعب واصارع الكود
ابعد هدف ما يبتعد عن رسولي
بي طيبة لكنها فوق بارود
وبي حدةٍ لو كان طبعي خجولي
احيان اسافر وابتعد.. وابتعد زود
من شان اعود والحقيقة ذلولي
واحيان اغامر واقتحم ذروة الطود
ما ارجع لما اشبع باقتحامي فضولي
صور تترى ومعان عميقة يسطرها بحسه ويضفي عليها فلسفته الواعية ورؤاه المنبثقة من ثقافة مكتنزة باللغة والمفردة المنتقاة
يقول في أحد نصوصه:
الزمن طير هزيل وصرت له جنحان
واحس ان الألم سلك طويل وعمري المكره
ترى بعض العجاج اهون على الطرقي من الدخان
وطول اليوم ما يطفي لهيب الشوق عن بكره
وترى اكثر من يخاف من المطر من يسكن الوديان
ومن هو بالعطش مذبوح يشرب موية عكره
والحب عنده معنى سام وحس صادق ورؤية عميقة يقول في أحد نصوصه:
كرهت الحب.. تدري ليه؟ لأن الحب صار اسهاب
جميع الناس تصبح به وكل الناس تمسي به!!
وصار الحب في غربه لأن العاشقين اغراب
ألاوش ينبغي بالحب لا من غابت الهيبه؟!
وفي هذه الأبيات حيث يتلاعب بالألفاظ بوعي تام دون إخلال بالمعنى أو تكرار يفقد البيت توهجه أو يقتل الفكرة..
بديت في زلزال واشعلت نورك
وعند الرحيل اطفيت نورك بزلزال
ما قول لك مثلت واتقنت دورك
بس أسألك عن حب مثل الجبل زال
وفي نص آخر يغرس المفردة الشعبية بكل ما تحمله من معان وألفاظ قديمة محاولاً أن يجسد الماضي بالحاضر ويحفظها من النسيان والاندثار.. ومن نص طويل يقول فيه:
نسيتي المزح با لقبه
ونسيتي لعبنا الطبه
نسيتي كشختي دايم
بثوب دوبلي خبخبه
نسيتي غترة الململ
تغطيني تقل جبه
نسيتي الركض بالطاية
لا صار بدارنا شبه
نسيتي ثوبك التنتر
وغيظك لا انقطع حبه
إلى آخر النص
إن أول ما يثير إعجابنا واهتمامنا بنصوص أحمد الناصر هو أسلوبه الذي يوحي بسليقة لغوية ترتوي من ثقافة واسعة وذكاء في اقتناص الصور والتراكيب ينأى في بنائها وتكونها عن التقريرية المباشرة وترتكز على التلقائية المتدفقة عن وعي عميق وثقافة مكتنزة بالإبداع عبر لغة متفجرة ومهيمنة على حدود الفكرة وخلجاتها من خلال استثمار اللغة الشعرية التي تنساب في نصوصه ومثل ذلك:
يا قطعة السكر وذرات الاحساس
في نكهتك حسيت بااهلي وناسي
طعمك جرى بالدم يا عطر الانفاس
الغيت خوفي.. حيطتي واحتراسي
وبهندسة إبداعية متكئة على رؤى تسبر أغوار المعنى وتنبثق منه بدقة متناهية مترابطة الوحدة والبناء مكونة له أسلوبا ومنهاجا يمنحه التفرد وعدم التبعية المطلقة في سياق النص الشعري ونلاحظ ذلك في قوله:
كان الشعر يكره قيود المشابك.. فاللي جرح حلم الليالي شبابيك.. يا سيد الأحباب بي مثل ما بك.. أنا أحبك حيل واهواك واغليك.. ذا حب،، لا،، ذا عشق،، لا، ذا تشابك.. أبحرت أدور عنك في وسط عينيك.. كل القصايد نوخت عند بابك الشعر شعري والمعاني معانيك).
وكذلك في قوله:
يا واقفة والشعر أرضٍ ما تطيق الانتظار
إما ادخلي ببلا هلا والا ارحلي ببلا شره
هذا التردد داخلك ما ينتهي غير بقرار
هذا الصدى من أي صوت من وين حدد مصدره؟
قدام عينيك المساحات الكبيرة والبحار
هناك ممدودٍ جسر إن كان ودّك تعبره
وعبر لغته الشعرية المكثفة المتمردة يجد القارئ روحه أمام رؤى تلغي فكرة المضمون بالمفهوم الكلاسيكي عبر تجديد واعٍ وفني مدروس ومرتب له لينمو نحو الشمس تاركاً للمخيلة تجاوز حدود الواقع والمضي قدماً نحو فضاءات الخيال..
ملل يا الانتظار الصعب.. يا حلم نبت بالتيه
ملل كل المواعيد الغبيه.. كل ما فيها
ملل للرغبه الهشه لا ماتت بين (لا) و(أيه)
ملل لاحلام ما تكبر مثل هقوات راعيها
وهذا بكل تأكيد قمة في التناسق بين اللفظ والإيقاع في خلق مناخ كامل التعبير وإيقاعات في نص شاعري أخاذ في حضور ينم عن تجسيد للتجربة الشعرية لدى أحمد الناصر الأحمد وهذا بمجمله يدل على رؤية فلسفية وبُعد فكري يمتلكها شاعرنا ضمن فضائه الثقافي والاستنباطي الذي يتميز به في قصائده عموماً.
إبراهيم الشتوي

الأحد، 3 مايو 2015

مقطوعة شعرية ( التيمم طهارة )


مافيه نار ٍ تشتــعل دون دخـــان
              ومافيه مسجد مااعتلت به منارة
والماء جعله الله لتطهير الأبدان
              واذا تعــــذر فالتيـــمم طهـــارة


* احمد الناصر الأحمد

مقطوعة شعرية .. ( الحبل القوي )


الناس تتغير على كل الأحــوال
            يكرهك شخص وفيه شخص ٍ يحبك
وتتقطع حبال المواصل والآمال
             بس الــذي ماينقطـــع حبـــل ربك


* احمد الناصر الأحمد

مقطوعة شعرية .. ( الصوم نية صادقة ))


ياصاحب الوجه العبوس
             الصوم تهذيب النفوس
 الصوم درب ٍ للفلاح
            اهم من كل الـــدروس
 الصــوم نيــة صادقة
             ماهو تقاليد وطقــوس


                                          * احمد الناصر الأحمد